4 مارس 2010

بيدنا نصنع الفارق

بعد التحية والتحايا

أقدم بين أيدكم مغامرة حصلت معي أنا بطلها وأنتم قراءها، قصة بدأت فصولها بمناسبة إجازة منتصف السنة لهذا العام 1431هـ ولكن لم تنتهي حتى كتابة هذه الحروف ولا أعتقد أن لها نهاية بقراءتكم لها.

الفصل الأول، سافرت بالعائلة لمدينة جدة لزيارة أمي الحبيبة وأخواني والتمتع بأجواء جدة الدافئة وبحرها الهادئ في شهر صفر، فقد بقينا في مدينة جدة أسبوع حافل بالنشاط ما بين زيارات واستقبالات ومطاعم وطبعاً (البيك) في مقدمتهم،. وكان من ضمن المواقع التي زرناها حديقة التحلية الواقعة في نهاية طريق الأمير محمد بن عبدالعزيز من جهة الغرب مقابل دوار البراميل (ملاحظة: براميل جمع برميل لا علاقة لي بهذا المصطلح).

الفصل الثاني، وهنا مربط ما كنت أعتقد أنه فرس، أن هذه الحديقة ليست بالكبيرة فهي مخصصة للجلسات مع وجود ملاعب أطفال ومسطحات خضراء وكشك لبيع المرطبات بمعنى أنها مخصصة للتنزه، ولكن المفاجئة أن هذه الحديقة التي لا تتجاوز مساحتها 36 ألف متر مربع، وجدتها تعج بالدبابات ذات أربع عجلات لم استوعب حينها كيف يكون هذا المنظر.

تصوروا معي ماذا يمكن أن يحدث في حديقة صغيرة يوجد بها مسارات مرصوفة للمشاة وملاعب أطفال في منتصف الحديقة وكثافة زوار وأطفال تتراوح ارتفاعاتهم ما بين نصف المتر إلى المتر ودبابات سريعة ومزعجة وملوثة للبيئة يزيد عددها عن ثمان يتم تأجيرها من قبل أصحابها على مستخدمي هذه الدبابات من أبناء أسر متواجدون بالحديقة.

قمة التناقض وقمة الفوضى وقمة الاستهتار بأرواح الناس، كل هذه الأحداث تدور في رأسي وأنا واقفاً بينما الأهل قد أخذوا أماكنهم في أحد زوايا الحديقة والشباب من الأسرة أخذوا موقع آخر، ولم أتنبه إلى ذلك إلا بعد سماع صوت إبن أخي يقول عمي إن مكاننا هنا.

ماذا أفعل فهذا وضع لا يمكن السكوت عليه هل أقوم بتغيير الموقع وماذا عن باقي الأسر؟ الغريب في الموضوع أن على كثرة الأسر والأطفال إلا أنهم لم يحركوا ساكناً.

الفصل الثالث، وجدت في نفسي الرغبة في المبادرة وأنه بيدي يمكن أن أصنع الفارق لسلامة أهلي وباقي الأسر في هذه الحديقة في ذلك اليوم في ذات المساء، ذهبت وكلمت أحد أصحاب هذه الدبابات وقلت له ليس من حقك التأجير هنا فأنت تعرض أبنائنا للخطر، أما بقية الحوار معه ومع غيره كان جدلي بيزنطي لا داعي لذكره، بعد ذلك اتصلت بالشرطة وبعد فصل من المحادثات أتت دورية وتبعتها أخرى دارت أحداث كثيرة أوجزها لكم في مجموعة نقاط:

- من يقوم بالتأجير سعودي وعدد من الأجانب.

- تم القبض على أحدد الدبابات في بادئ الأمر وصاحبها السعودي مع هروب البقية.

- تم أخذ تعهد شفهي عليه بعد توسطي له حينما وعد أنه لن يأتي هنا مرة أخرى وليتني لم أتوسط.

- علمت أنه وقع حادث دهس لطفل في اليوم السابق نتج عنه كسر في الجمجمة، تخيلوا حدث هذا يوم أمس ولم يحرك ساكنا فيهم.

- استغرقت مغامرتي مع أصحاب الدبابات والشرطة قرابة الساعة كان من المفترض أقضيها مع الأهل.

- نعمنا بهدوء طوال بقائنا في الحديقة بعد ذلك.

- شكرني عدد من الناس على هذه المبادرة.

الفصل الرابع، ما أن هممنا بالخروج من الحديقة وبدأنا بوضع أغرضنا في السيارات إلا وتوالت نفس تلك الدبابات وفي مقدمتهم ذاك السعودي بالرجوع للحديقة لممارسة تجارتهم الغير المشروعة في انتظار ضحية طفل ثاني.

أخواني نحن دائما نتذمر من غياب الوعي والجهل في مجتمعاتنا ولكن هل بادرنا بأنفسنا لنصنع الفارق؟


الفصل لأخير، بعد مرور أسبوعين من هذه القصة وعودتي لمدينة الرياض، فقد قررت مراسلة أمانة محافظة جدة ما حصل وأهمية التنسيق مع الجهات الأمنية للمحافظة على الحديقة، وفي ظرف يوم واحد كان الرد اللامسئول بإمضاء الأمانة حيث كتبوا لي بعد السلام هذه العبارة:

"تشكر لكم أمانة محافظة جدة مشاركتكم واهتمامكم وتؤكد لكم حرصها على خدمتكم

هذا ونود إفادتكم أن قسم علاقات العملاء بالأمانة قد قام نيابة عنكم بمتابعة شكواكم وحصل على الإفادة التالية:

نفيد سعادتكم أنه بعد الاطلاع على الشكوى تبين أن مضمون الشكوى ليس من اختصاص أمانة محافظة جدة وأنه من اختصاص شرطة محافظة جدة ويمكنكم التواصل معهم عبر www.jeddahpolice.gov.sa

وتفضلوا بقبول وافر تحيات وتقدير أمانة محافظة جدة"

ليست هناك تعليقات: